نشأ عمر هلال في المملكة العربية السعودية وكندا، وعمل في إيطاليا كمخرج تلفزيوني ومصور فوتوغرافي، ثم عاد في أوائل العشرينات من عمره إلى وطنه مصر.
وقضى هلال حوالي عقدين في مجال إخراج إعلانات في القاهرة، ثم أخرج أول فيلم روائي طويل له بعد أن قرأ مقال مثير للاهتمام نشرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) حول واقعة هروب غريبة إلى خارج البلاد.
تدور تلك القصة، المستندة إلى تقارير إخبارية، حول مجموعة من المصريين الماكرين الذين تظاهروا بأنهم فريق كرة قدم من المكفوفين للهروب إلى أوروبا. ونجح “الفريق” في مسعاه ولم يُسمع عنه أو يُرى مرة أخرى منذ ذلك الحين. ليقدم لنا هلال فيلمه الكوميدي “فوي!فوي!فوي!”.
وقال هلال خلال لقاء أجراه مؤخراً مع موقع “فيلم فيردكت -The Film Verdict”: “خمسون بالمائة من المصريين يعيشون تحت خط الفقر، لذلك هناك رغبة لدى الكثيرين في الرحيل”. وأشار هلال إلى أن البعض يحاولون الهجرة بالطرق القانونية، وعندما تفشل تلك الطرق، يلجأون إلى الهجرة غير الشرعية. وقال: “هناك قصص مذهلة عن مصريين يحاولون مغادرة وطنهم من أجل حياة أفضل”.
بدأ عرض فيلم “فوي!فوي!فوي!” في مصر في سبتمبر 2023، واحتل المركز الأول في شباك التذاكر لمدة شهرين. وسيُعرض الفيلم في مهرجان مراكش الدولي للسينما هذا الأسبوع، وجاري عرضه حاليًا في مهرجان البحر الأحمر، وجميع أنحاء العالم العربي.
كما قام هلال بجولات عرض للفيلم بصحبة أعضاء مصوتين من أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة. وقال: “شعرت بالكثير من الحب لي وللفيلم، من أشخاص لا أعرفهم حتى”.
وحقق الفيلم نجاحًا كبيرًا لدرجة أن لجنة اختيار الأفلام للمنافسة على جوائز الأوسكار في مصر، كانت قد اختارت فيلمًا آخر لتقديمه في منافسات الأوسكار، لكنها غيرت رأيها بعد عرض فيلم هلال.
وأضاف: “يروي الفيلم قصة مؤثرة مع الكثير من الفكاهة. المصريون يحبون الضحك، نحن نحب الكوميديا. هذه هي طريقتنا لمواجهة أزماتنا”.
ونظرًا لقلة المعلومات في الصحافة عن القصة الحقيقية، نسج هلال من وحي خياله جوانب جديدة في الفيلم.
وأوضح: “في القصة الحقيقية، كان الفريق بأكمله يتظاهر بفقدان البصر، ليس مجرد لاعب واحد كما ظهر في فيلمي. لقد غيرت كل شيء. في القصة الأصلية، وصل جميع اللاعبين إلى أوروبا وهم يتظاهرون بفقدان البصر. اضطرت لتغيير الكثير من جوانب القصة”.
وأكد الهلال أن ما حدث للفريق الحقيقي في النهاية لا يزال مجهولًا.
وقال: “تظهر القصة كل بضع سنوات في الصحافة. ولكن بدون معلومات جديدة”. كان من الصعب تعقب هؤلاء الرجال، ولأنهم ليسوا مجرمين حقيقيين، فمن المحتمل أنهم يشغلون حاليًا وظائف عادية ويعيشون حياة هادئة. وأضاف: “ليسوا مجرمين ليديروا عصابات مخدرات على سبيل المثال. أتمنى أن يكونوا سعداء، لكن كان من المستحيل العثور عليهم”.
كان ظهور هلال كمخرج أفلام روائية طويلة أمرًا متوقعًا منذ وقت طويل، فهو يتمتع بخبرة 20 عامًا في إخراج الإعلانات بنجاح.
قال: “كنت أرغب دائمًا في صناعة الأفلام، وكانت الإعلانات وسيلة لتحقيق هذه الغاية”. وأشار إلى أن الإعلانات التي أخرجها كانت دائمًا تحمل جانبًا إنسانيًا. وأوضح: “يرى الناس أنني أضفي على الإعلانات جوانب كوميدية وإنسانية”. وقال إن الطريق إلى إخراج الأفلام الطويلة كان طويلاً للغاية. “لقد استغرق الأمر ما يلزم للوصول إلى هذه المرحلة، من زواج، وطلاق، وإنجاب طفل”.
وقال هلال إنه لكي يتمكن أخيرًا من القفز إلى عالم السينما، كان عليه “العيش في الأحياء الفقيرة وتجربة العديد من أشكال الحياة”.
وعلى عكس الإعلانات التي لديها ميزانية كبيرة، قال هلال إن فيلمه تم إنتاجه بميزانية منخفضة، “لهذا السبب انتهى بي الأمر إلى القيام بكل شيء”. وأضاف بسخرية: “أنا مستعد الآن لإنتاج الجزء الخامس من فيلم ترانسفورمز. اطلب أي شيء مني، وسأقوم بإنجازه. لقد كتبت وأنتجت وأخرجت الفيلم”.
يقوم صناع فيلم “فوي!فوي!فوي!” حاليًا بجولات عرض في المهرجانات الدولية، وتستمر حملة ترشيحه للأوسكار.
وقال هلال: “يسعدني ويشرفني ما أقوم به. السينما المصرية عظيمة. إذا أردت أن أضع قائمة بأفضل الأفلام على الإطلاق بالنسبة لي، فإن فيلمين أو ثلاثة سيكونون مصريين. الكثير مما أنا عليه الآن هو نتاج تأثري بالسينما المصرية”.
عاش هلال بين مصر والمملكة العربية السعودية وكندا وإيطاليا. وقال لم يكن في السعودية في الثمانينات سوى الأفلام الأمريكية. “لكن لدينا أحداث درامية في مصر. نحن بلد الدراما. وهذا يصب في مصلحة السينما”، مضيفًا أن القصة التي يقدمها في فيلمه “هي قصة مثالية للسينما”. وأشار هلال إلى أن مصر دولة ضخمة ذات تاريخ عريق، وتعرضت للغزو والاحتلال من قبل العديد من الدول والثقافات مثل العثمانيين والفرنسيين والبريطانيين في التاريخ الحديث. وقد تأثرت بمجموعة متنوعة من الديانات القبطية والرومانية الكاثوليكية وغيرها. وقال: “لذلك فهي تتمتع بمجموعة متنوعة من الخصائص. وأعتقد أن انتشار الفقر على مدى السنوات السبعين الماضية هو ما يزيد من دراماتيكية الوضع: نحن دراميون بطبيعتنا”.
وقال هلال إن يخطط لإخراج فيلم روائي طويل آخر عن ملحمة حربية تاريخية، لكنه يفضل تأجيل الكشف عن تفاصيل العمل في الوقت الحالي.
تحدث هلال عن مسيرته خارج مصر قائلًا: “كنت سأعود إلى الوطن على أي حال. لقد بدأت الدراسة الجامعية في مصر. وقبلها كنت أعيش في المملكة العربية السعودية وكندا ثم إيطاليا. بدأت العمل كمخرج تلفزيوني في إيطاليا، لكني أصررت على العودة إلى القاهرة. كنا نعيش حياة جيدة في إيطاليا، لكنني قررت أنه إذا كان لدي أي موهبة، فسوف أكرسها لبلدي”.