في هذه المقابلة مع التقدير، يتحدث المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي عن أعماله والتزامه المستمر بنقل القصص الفلسطينية إلى الساحة العالمية. خلال الدورة الـ45 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، يعرض مشهراوي فيلمه الجديد أحلام عابرة، الذي يروي رحلة سامي، الطفل من مخيم لاجئين في الضفة الغربية، وهو يبحث عن طائره المفقود، مقدماً لمحة عن الحياة اليومية تحت الاحتلال.
كما سيتم عرض مشروع مشهراوي من نقطة الصفر، وهو مجموعة من 22 فيلمًا قصيرًا أخرجها صُنّاع أفلام من غزة توثق آثار الصراع الأخير مع إسرائيل. وبخبرة سنوات في خدمة السينما الفلسطينية، يتأمل مشهراوي في أهمية توثيق هذه القصص التي تحمل ثقل التاريخ، وصمود الإنسان، والنضال المستمر من أجل الهوية وسط التحديات.
التقدير: ما الدافع وراء إخراج فيلم أحلام عابرة؟ وكيف تنظر إليه بعد مرور حوالي 400 يوم على بدء الحرب في غزة؟
رشيد مشهراوي: من المهم جدًا بالنسبة لي عرض أفلام تتناول الحياة قبل 7 أكتوبر 2023. هذا يعني أننا كنا نعيش حياة طبيعية قبل ذلك، وهذا ما أريد أن أوضحه، بجانب شرح أن مشاكلنا مع الاحتلال الإسرائيلي لم تبدأ العام الماضي. من خلال مشاهدة الفيلم، يرى الجمهور تفاصيل الحياة اليومية، نقاط التفتيش، وكيف يعيش الناس في القدس والضفة الغربية ومخيمات اللاجئين. ربما يكون هذا تفسيرًا لسبب وجود انتفاضات وحروب مستمرة.
التقدير: اخترت شخصية طفل لإظهار التغيرات والصعوبات في الحياة الفلسطينية. ما الذي دفعك لتطوير هذه الشخصية؟
رشيد مشهراوي: كان الأمر صعبًا. ولكن بمجرد أن ارتبطت الفكرة بالأحلام ورحلة الطفل للبحث عن حمامته، بدأ الجمهور في فهم أن الفيلم يبحث عن شيء أعمق من مجرد الطائر. التعامل مع طفل كممثل لم يكن سهلاً، لكن الأطفال يرمزون إلى الأمل والمستقبل، وهو ما أردت إبرازه. في الوقت نفسه، يُظهر الفيلم صعوبة الوضع، حيث يُسأل الطفل في أحد المشاهد عن طموحاته عندما يكبر، ولكنه لا يعرف الإجابة.
التقدير: قدمت أفلامًا تعالج مباشرة السياسة والمعاناة في غزة مثل من نقطة الصفر، وأخرى تعكس موهبتك الفنية. كيف توازن بين كونك ناشطًا في قضية وفنانًا سينمائيًا؟
رشيد مشهراوي: يمكن أن يستغرق الجواب ساعات. أحلام عابرة هو الفيلم الروائي التاسع في مسيرتي، وفي الوقت نفسه كنت أعمل على أفلام وثائقية في فلسطين والعراق ولبنان، متناولاً ظروفًا وتحديات قاسية. انتهيت من تصوير أحلام عابرة وكنت في غرفة المونتاج قبل أكتوبر 2023، لذا كان هذا الفيلم استمرارًا لعملي كصانع أفلام. لكن عندما تحدث أمور في غزة، حيث ولدت وعاشت عائلتي وأصدقائي، أشعر بضرورة رواية القصص عن هذا المكان وعرضها دوليًا. بعد أسابيع قليلة من أكتوبر، وبعد حجم الدمار والمجازر، قررت عدم إخراج فيلم جديد بنفسي، بل منح فرصة لصناع الأفلام المقيمين هناك لرواية قصصهم. كنت مستشارًا فنيًا، واستخدمت علاقاتي مع الجهات الداعمة والمهرجانات لبناء جسر لهم.
التقدير: أخبرنا عن دورك في مشروع من نقطة الصفر. وهل ترى نفسك ناشطًا أكثر أم مخرجًا سينمائيًا؟
رشيد مشهراوي: أنا أشياء كثيرة. أنا فنان أحب السينما وأحاول ابتكار صور وقصص. أنا مواطن فلسطيني أريد حماية ذاكرة وتراث بلدي. كما أنني شخص فقد بعض أفراد عائلته ومنازله في هذه الحرب. كفلسطيني ومخرج، أردت أن أتيح لهؤلاء الشباب فرصة صنع أفلامهم. في من نقطة الصفر، ستجد أفلامًا متنوعة: خيالية، وثائقية، تجريبية، فيديو آرت، ورسوم متحركة. في هذا المشروع، لا نعرض فقط الحرب والمعاناة، بل نبرز تجربة سينمائية شاملة. عُرض المشروع على هامش مهرجان كان، وتم اختياره في تورنتو، وسيكون ترشيح فلسطين للأوسكار. ليس لأننا ضحايا فلسطينيون نبحث عن تضامن، بل لأننا نحاول تقديم سينما وحماية هذه الذاكرة بطرق متعددة.